منتدى دمعة حزن



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى دمعة حزن

منتدى دمعة حزن

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كل الهلا بيكم


    دوام الفتن من اعظم المحن

    سيف العزي
    سيف العزي
    عضو بعده جديد
    عضو بعده جديد


    تاريخ التسجيل : 13/05/2009

    دوام الفتن من اعظم المحن Empty دوام الفتن من اعظم المحن

    مُساهمة من طرف سيف العزي الخميس مايو 14, 2009 2:33 pm


    دوام الفتن من أعظم المحن





    حامد المهيري

    لسان العرب وضعني في حيرة حول لفظ "فتن"، فهذا الأزهري وغيره يقول بأن "الفتنة": الابتلاء، والامتحان، والاختبار. وهذا ابن الأعرابي يقول: الفتنة الاختبار، والفتنة المحنة، والفتنة المال، والفتنة الأولاد، والفتنة الكفر، والفتنة اختلاف الناس بالآراء، والفتنة الإحراق بالنار، وقيل الفتنة في التأويل الظلم. بينما ابن سيدة اعتبر الفتنة الخبرة. وقيل الفتنة الإعجاب بالشيء، وقيل الفتنة الضلال والإثم.

    فاستنطقت القرآن الكريم عله يسكن من حيرتي، ويهديني إلى ما يطمئن قلبي، ويشرح صدري، حتى تنقشع عني سحب القلق والحيرة، والملل، فكان جوابه، قوله تعالى "الفتنة أشد من القتل" "البقرة آية 191" و"الفتنة أكبر من القتل" "البقرة أية 217" و"إنما أموالكم وأولادكم فتنة" "الأنفال آية 28"، "ونبلوكم بالشر والخير فتنة" "الأنبياء آية 35" و"فتنة للظالمين" "الصافات آية 23"، و"أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون" "العنكبوت آية 2" "وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون" "الفرقان آية 20".

    جاء في تفسير "لا يفتنون" لا يبتلون في أنفسهم وأموالهم، وقيل: لا يمتحنون بما يبين به حقيقة إيمانهم. وفي الحديث قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "... المؤمن خلق مفتنا" أي ممتحنا يمتحنه الله بالذنب ثم يتوب، ثم يعود، ثم يتوب. وفي رواية ابن عمر "إياكم والفتن فإن وقع اللسان فيها مثل وقع السيف".

    وصغيت بأذني، وانتبهت، وتدبرت، في عديد أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن وجدت ما يشفي غليلي في حديث البخاري ومسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه "ألا إنها ستكون فتنة، فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، لا تنقضي عجائبه"؛ وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه "إن الفتنة تجيء فتنسف العباد نسفا، وينجو العالم بعلمه".

    وعندما انشرح صدري بما قدمت، من إشارات، سواء من القرآن أو من أحاديث خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم، بعث الأمل في عقلي، وسعى يعقل، ويغوص، بعمق وسكينة، وثقة راجيا الله المزيد من العلم، خصوصا وأنا مؤمن إيمان الموقن بقول الله تعالى "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" "الإسراء آية 85" والصبر أصبح عادتي، وعرفي، وقريني الملازم، في كل حين، وفي كل ابتلاء، وفي كل سعي، وهذا ما أكد عليه الرسول عليه الصلاة والسلام "إن السعيد لمن جنب الفتن ولمن ابتلي فصبر" رواه أبو داود. وقال علي بن أبي طالب "دوام الفتن من أعظم المحن".

    بعد هذه الطمأنينة بما تفضل الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من توضيحات جلية، حول "الفتنة" قولا ومدلولا ومقصدا ومخرج صدق من اختباراتها، وبلاياها، تاقت نفسي لمعرفة ما قال عنها أهل الخبرة من بني آدم؛ فاستفد معي يا أخي الإنسان بما قاله البعض! قال أحد الشعراء:

    "وإذا أراد الله فتنة معشر وأضلهم رأوا القبيح جميلا"

    وقال آخر:

    "داء قديم في بني آدم فتنة إنسان بإنسان"

    وقال غيره:

    "ألا إنما الدنيا على المرء فتنة
    على كل حال أقـــبلت أم تـولت".

    ومن الأقوال المأثورة "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها". وهذا مشهد مع رسول الله عليه الصلاة والسلام: كان معاذ بن جبل يؤم الناس، فدخل رجل اسمه "حرام" ونوى الصلاة خلف معاذ، فلما رأى معاذا طولا في صلاته، تجوز "حرام" في صلاته، ولحق بنخل له يسقيه، فلما قضى معاذ صلاته، قيل له: ما كان من أمر "حرام"؛ فقال "إنه منافق، أيعجل عن الصلاة من أجل سقي نخلة؟". فجاء حرام إلى رسول الله صلوات الله عليه وسلامه، ومعاذ عنده، فقال "إني أردت أن أسقي نخلا لي، فدخلت المسجد لأصلي مع القوم، فلما تجوزت في صلاتي، زعم أني منافق". فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على معاذ وقال له "أفتان أنت يا معاذ؟ أفتان أنت يا معاذ؟ لا تطول بهم، اقرأ "سبح اسم ربك الأعلى" و"الشمس وضحاها" ونحوهما".

    وتأتي الفتنة لخروج الناس من الصلاة وترك الجماعة، والتيسير مانع للفتنة. فهل يعود الرشد للناس، ويقلعوا عن كل تصرف مشين، وسلوك منحرف، ومعاملات سيئة، توقظ الفتنة من نومها، وتشعل نار الخصومة بين الناس؟

    هذا سؤال يمكن طرحه لمن يجهل كتاب الله الذي يفرق بين الحق والباطل، والصالح والفاسد، والنافع والضار... أما المؤمنون من المسلمين فأحذرهم إن كانوا يعلمون بما تضمنه تنزيل الله من تشريع كامل، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيانات، وتوضيحات، وتبسيطات: "يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" "الصف 2-3".

    لا شك أن الانضباط وخشية الله هي من الصفات الجوهرية في العقيدة الإسلامية؛ وفي نظري بسبب الانحراف عن هاتين الصفتين تنشأ الفتنة، فالذي لا يحترم غيره بالكلمة الطيبة يثير الفتنة، والذي لا يعطي كل ذي حق حقه يولد الفتنة، ويرفع الرماد عن النار فتلتهب، والذي يؤذي جاره يتسبب في اندلاع الفتنة، والذي يهمل أبناءه يجلب لنفسه الفتنة، وكذلك الغيبة، والنميمة، وقول الزور، والكذب، والاعتداء بالفواحش...

    كل هذه هي مسببات رئيسية في قيام حرب الفتنة التي هي أشد من القتل، ويحصل هذا في الأسرة وفي المجتمع، وبين الدول، ولا وجود لحل لها إلا إذا كان من صنع الله لا من صنع البشر.





      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 8:22 pm