منتدى دمعة حزن



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى دمعة حزن

منتدى دمعة حزن

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كل الهلا بيكم


    (((((((((((((شظايا وأفكار )))))))))))

    avatar
    بنت دجله
    عضو ديشتغل
    عضو ديشتغل


    الجدي تاريخ التسجيل : 24/05/2009
    العمر : 43

    (((((((((((((شظايا وأفكار ))))))))))) Empty (((((((((((((شظايا وأفكار )))))))))))

    مُساهمة من طرف بنت دجله الأربعاء أغسطس 26, 2009 6:06 pm

    [font=Courier New][size=21][color=#000033]الحب العربي في الشعر والحكايات معجزة تدعو إلى التأمل والاعجاب معاً، وتدعو إلى الرثاء في غيابها كظاهرة حضارية باهرة، وفلسفة حية، لم تعد ماثلة في حياتنا المحاصرة، من الداخل والخارج اليوم.
    كان البدو الطالعون من سراب الصحراء والأودية السحيقة يزرعون في دروبهم شعراً وأساطير حب خالدة، منفردين بخصال حميدة نادرة، لا نجدها مجتمعة ـ وقلما نجدها منفردة ـ لدى الشعوب الأرضية القديمة والجديدة، فالحب العربي ولد وعاش في ظل الحرية الطبيعية والشجاعة والكرم الحاتمي والحكمة والوفاء والتضحية والتسامح والفراسة والفروسية ، وهو في كل حالاته كان الطاقة الأولى المحركة لنبض الحياة والاحساس بالجمال:
    تمتع من شميم عرار نجد فما بعد العشية من عرار
    وارتبط شعر الحب بالغناء العربي الصافي والموسيقى العربية التي تصقل الذائقة والحس الجمالي، لكن قمع النزعة الحسية العالية وحرية القول والفعل في الشعر والحياة العربية كان سبباً ونتيجة معا لمرحلة طويلة من انهيار الشعر والحياة العربية، بدأت منذ نهايات العصر العباسي، ونهاية العصر الأندلسي، وترافق القمع بموجات من التزمت والتعصب الأعمى المستورد، كان من أحد مظاهره التشرذم الطائفي والمذهبي ومصادرة حرية التفكير وحرية المرأة، والخنوع والخوف في ظل الحروب الأهلية والطائفية الخاسرة، وسحق مظاهر الحياة الاجتماعية والتقاليد العربية العريقة، واستبدال حكايات الحب وشعر الحب بنزعة الانتقام والكراهية، وانفتحت الأبواب على مصاريعها لأشكال من الغزو الخارجي للحياة العربية من الشرق والغرب، لا تزال ذيولها ماثلة حتى اليوم. لم يكن ابن حزم وحيداً في الكتابة عن الحب، وهو الذي عاش في العصر الأندلس عصر التنوير والفن والعمارة والموشحات والغناء، عصر ابن رشد وابن زيدون وزرياب وولادة بنت المستكفي الشاعرة:
    أمكن عاشقي من صحن خدي وأعطي قبلتي من يشتهيها
    وحاول ابن حزم دراسة حالات الحب العربي وخصوصيته في ثلاثين باباً، ودعم أفكاره بحكايات سمعها أو عاشها، واختار لها نماذج مناسبة من شعره، وكان جريئاً في آرائه واختياره للحكايات، متحررا من مرض التزمت والخوف، ولهذا ثار عليه الغوغائيون واحرقوا ومزقوا بعض كتبه.
    ربما وصل إلينا طوق الحمامة ناقصاً، بينما غابت واختفت مخطوطات وكتب كثيرة عن الحب العربي، وامتدت الايدي الظلامية لتحذف من ألف ليلة وليلة في بعض طبعاتها، بحجة انها تخدش الحياء العربي الذي لم تخدشه الهزائم المتواصلة حتى اليوم، بسبب الظلاميين الذين لا يعرفون من الحب إلا تعدد الزوجات.
    ولا تزال اعداد كبيرة من المخطوطات العربية النفيسة حبيسة في المستودعات المعتمة، لم تجد طريقها إلى النشر حتى اليوم، لأنها تنتمي إلى أدب الحب العربي، وهي تحمل قيماً تاريخية وثقافية وعلمية خاصة، ربما لأن المسئولين عن نشرها لا يميزون بين الثقافة أو الفن والسفاهة، أو ربما لأنهم يخافون من الغوغائيين الذين أحرقوا كتب ابن رشد وابن حزم مع ان كتب الحب العربي كلها ليس فيها ما هو سفيه أو فضائحي كما هو الحال في الكتب والمجلات الغربية، أو حتى فيما يسمى «كتب الوسادة» المنتشرة في الصين واليابان، وهي تزيد على مئتين وعشرين كتاباً «على ذمة الروائية ايزابيل اليندي» كما انها لا تشبه كتاب فن الحب الهندي الشهير «كاما سوترا» الذي وجد طريقه إلى كل اللغات في العالم، ونشرت ترجمته العربية منقوصة ومشوهة في دمشق قبل سنوات قليلة.
    فالحديث عن الحب بالقول والكتابة في كل تفاصيله لم يكن عيبا أو سفاهة، بل كان زينة المجالس، وزينة الشعر والكتابة لدى الخلفاء والامراء والشعراء والفقهاء والجواري والرعاة والعوام، رجالاً ونساء، فالحب عند العرب هو السلاح الوحيد الذي يقهر الحرمان والموت:
    ألا أيها الركب النيام ألا هبوا اسائلكم هل يقتل الرجل الحب
    وإذا كان الحب الغربي في أشهر حكاياته وأساطيره ينتهي بالقتل أو الانتحار فإن الحب العربي يميل إلى الذوبان البطيء من الداخل، ذوبان الجسد تحت وطأة الوجد في نهاياته القصوى، يستوي في ذلك العشاق والصوفيون المسحورون بتحولاتهم ومداراتهم الجوانية الغريبة:
    أدين بدين الحب انى توجهت ركائبه فالحب ديني وإيماني
    وفي الحب العربي تضحية وايثار للطرف الآخر دائماً، واستسلام غير مشروط، في شرعة الذوبان البطيء في طيف المحبوب:
    مولاي وروحي في يده قد ضيعها سلمت يده
    وكان حكايات الحب وشعر الغزل مقياسا للحضارة العربية في صعودها وهبوطها وكان الغزل تاج الشعر العربي وذروته ومعجزته النبيلة، وكان كل العرب شعراء وعشاقاً، الرجل والمرأة، الكبير والصغير، الأمير والفقير، وهم الذين اخترعوا الحب العذري، وجنون الحب والحب من نظرة واحدة، والحب عن بعد، والحب في النوم، والحب من الصوت، والحب بلمسة خاطفة، ثم الحب من طرف واحد.
    وأعطى العرب للحب اكثر من ستين اسماً وربطوه بالشوق والحنين والغناء والطرب، وإذا لم يكن الحب محاصراً أو محروماً، فإنه سيكون مصحوباً بليالي الانس، ونشوة الوصل، في الليالي الملاح، والسمر في ضوء القمر، والامتاع والمؤانسة والنشوة بالحلم الواقعي، كما هو في الموشحات الاندلسية :
    جادك الغيث إذا الغيث همى يا زمان الوصل بالاندلس لم يكن وصلك إلا حلما في الكرى أو خلسة المختلس وتأخذ ذاكرة المكان أهمية خاصة في شعر الحب العربي، كما هي عند مجنون ليلى: أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدار وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا ويمكننا ان نتذكر ان أهم القصائد العربية المطولة، ومنها المعلقات السبع، تبدأ بمقدمة طللية، غزلية، تمجيداً للمكان الذي شهد حكاية الحب، أو استأنس بمشية المحبوب، ويتجاوز، الشعراء العشاق المكان الأرضي، ويرصدون الكواكب، حتى قيل عنهم انهم رعاة الكواكب، آملين ان تلتقي نظراتهم بنظرات احبابهم عند هذا الكوكب أو ذاك.
    أقلب طرفي في السماء لعله يوافق طرفي طرفها حين تنظر
    أما عزة حبيبة الشاعر كثيّر فإنها ألقت السلام على جمله، حينما رأته في المرعى وعرفته، فلما سمع هو بذلك أكرم جمله الذي حظي بسلام حبيبته، وقد يكون مثل جمل المنخل اليشكري الذي يقول:
    وأحبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري
    ويحلق الخيال بالشاعر العباس بن الاحنف الذي يتمنى ان يطير إلى حبيبته البعيدة:
    أسرب القطا هل من يعير جناحه لعلي إلى من قد هويت أطير
    وقال الجاحظ: تأملنا شأن الدنيا فوجدنا اكبر نعيمها وأكمل لذاتها ظفر المحب بحبيبه، ويروي الاصمعي ان عمر ابن الخطاب قال: «لو أدركت عفراء وعروة لجمعت بينهما» وقصة حب عفراء وعروة من أشهر القصص العربية، وهي تتشابه كثيراً مع القصة الغربية تريستان وايزولده.
    ان أشهر ما قاله الشعراء العرب في عصورهم المختلفة هو ما قالوه عن الحب أو العشق، وبعضهم اكتسب شهرته من قصيدة واحدة أو بيت واحد من شعر الحب وربما لا يحفظ القراء من ديوان جرير إلا قوله:
    ان العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله انسانا
    وربما لايحفظ القراء المحترفون من شعر النابغة الذبياني إلا قصيدته الدالية والابيات الضائعة منها، في التغزل بالمتجردة:
    سقط النصيف ولم ترد اسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
    وهذا هو حال عنترة وعمر بن أبي ربيعة وعروة بن خزام وقيس بن الملوح وديك الجن الحمصي وابن زيدون ونزار قباني. وإذا كان الفن الاغريقي بما فيه الشعر، ينصب على تمجيد جسد الرجل، كرمز للقوة، فإن الشعر العربي كان سباقاً وبارعاً في تمجيد جماليات جسد المرأة بالتفاصيل الدقيقة والتحركات والرموز التي تعطيها حضوراً فاعلاً في الحياة، ولم تكن المرأة العربية بعيدة عن التأثير في الشعر والغناء وحركة الابداع.
    وإذا كان العرب قد صنعوا حكايات وأساطير حب وشعر خالدة فإن ابتعادهم عن هذا التراث الحضاري بفعل التزمت المستورد، وضعهم في زوايا ضيقة لا يستطيعون من خلالها الدفاع عن حقوقهم المسلوبة، أو دفع الاتهامات الموجهة إليهم بأنهم يصنعون الارهاب والكراهية[/color][/size][/font]

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 7:25 pm